لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
كلمة في رئاسة الأمر بالمعروف
4271 مشاهدة
أدلة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعقوبة تاركه

تذكرون أيضا ما ذكره ابن القيم وغيره -ذكر في كتابه الجواب الكافي أحاديث كثيرة في إثم المعاصي وآثارها، ومن ذلك أنه ذكر: أن الله أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أني مهلك من قومك ستين ألفا من شرارهم، وأربعين ألفاً من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ فقال: إنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانوا يجالسونهم ويؤاكلونهم فعذب الله أربعين ألفا وأهلكهم مع أنهم من خيارهم، ولكن كانوا يجالسون أهل المعاصي ويشاربونهم ويؤاكلونهم ولا ينكرون عليهم.
وذكر أيضا أن الله تعالى أمر جبريل أن اخسف بقرية كذا وكذا. فقال: يا رب فيهم فلان لم يعصك طرفة عين. قال: به فابدأ وأسمعني صوته؛ فإنه لم يتمعر وجهه فيَّ قط يعني: ما غضب لله تعالى، وإنما كان غضبه لأموره الدنيوية، أو لا يغضب إذا انتهكت محارم الله.
وذكر أيضا أن بعض بني إسرائيل رأى ابنا له على معصية فقال: مهلا يا بني –هكذا- ما قال إلا: مهلا يا بني؛ بمعنى أنه لم يتمعر وجهه ولم يغضب، وإنما تكلم بهذه الكلمة؛ فعاتبه الله؛ يعني كان غضبك أن قلت: مهلا يا بني! ولم تغضب لله تعالى.
ولا شك أن هذه تسبب الخوف من إقرار المحرمات، ومن السكوت عليها مع القدرة، ومن التهاون بأية ذنب ولو كان صغيرا، فإن التهاون به يسبب كونه كبيرا.
والواقع يشهد بذلك، لا نحتاج إلى تعريف للأمر والنهي؛ ولكنكم تعرفون أن كلمة الأمر ليست مجرد ( افعل )، بل هي الإلزام، وكذلك كلمة: ( لا تفعل ) لا تكفي، بل لا بد من الإلزام، الإلزام بالترك للمنكر، وبالفعل للمعروف، فالأمر يستدعي الإلزام بالفعل، والنهي يستدعي الإلزام بالترك.
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر خير الأمة قال: ثم إنه يأتي بعد ذلك قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته وفي رواية ذكر أنهم: ينذرون ولا يوفون، يخونون ولا يؤتمنون، يشهدون ولا يستشهدون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ؛ وذلك لأن من جالسهم ووانسهم وواكلهم وشاربهم فإنه دليل على أنه لم ينكر عليهم بقلبه، فلا يكون في قلبه من الإيمان مثقال حبة من خردل، نعوذ بالله من هذه الحالة.
التغيير باليد: هو إزالة ذلك المنكر بحيث لا يبقى له أثر ولا عين، فإذا كان عندنا استطاعة وصلاحية في أن نغير هذه المنكرات؛ وجب ذلك علينا، وإذا خشيت أنك تعذب أو تمتهن أو تهان فإنك تغيره باللسان وتبين نكارته، وإذا خشيت من العواقب ولم يكن عندك قدرة انتقلت إلى تغييره بالقلب، وذلك يستدعي كراهيته، والبعد عن أهله وهجرهم، وترك مجالستهم ومؤانستهم، فإذا لم يفعل ذلك؛ فإنه ليس معه من الإيمان مثقال حبة من خردل، نعوذ بالله من هذه الحال.
الله تعالى يغضب لإقرار هذه المنكرات، وإذا غضب فإنه ينزل العقوبة، ورد في الحديث القدسي أن الله يقول: إذا أُطعت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي نهاية، وإذا عُصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد يعني تأثيرا، فمع المعاصي تُسْخِط الله تعالى، ويكون أثرها - أثر- سخط الله على المجتمع كله الذي أقر هذه المحرمات، ولا شك أن إقرارها سبب من أسباب فشو العقوبات.